أكد خبراء صناعيون أن مبادرة الشراكة الصناعية بين الأردن ومصر والإمارات، ستكون نواة لتحقيق تكامل اقتصادي عربي إقليمي، من خلال الميزات التنافسية والنسبية لاقتصاد كل دولة.
وأعربوا في تصريحات، عن تطلعهم لترجمة المبادرة إلى مشاريع اقتصادية على أرض الواقع، من خلال فتح شراكات جديدة مع أصحاب الأعمال، وتوسيع مجالات التعاون والاستثمارات المتبادلة.
ووقعت كل من الأردن ومصر والإمارات، على مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، تهدف إلى الاستفادة من مجالات التكامل بين الإمكانات والقدرات والخبرات التي تمتلكها كل من الدول الثلاث في تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي في 5 مجالات هي الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات.
كما تسعى المبادرة إلى إتاحة فرص صناعية ذات قيمة اقتصادية مضافة تقدر بمليارات الدولارات، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة في المستقبل، بالإضافة إلى التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي والصحي.
وقالت رئيسة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي خلود السقاف، إن الأردن حصل على فرصة غير مسبوقة في المشاركة مع الإمارات ومصر لتنمية القطاعات الصناعية، والاستثمار فيها، خاصة في ظل تميز الأردن في صناعة البوتاس والفوسفات والصناعات الدوائية والزراعة والتعدين وغيرها.
وأوضحت أنه سيتم تشكيل لجنة وزارية، من وزراء الصناعة والخبراء واللجان الفنية، لتبدأ عملها فورا نحو تحقيق الشراكات والاستثمارات، معربة عن سعادتها بحضورها لاجتماعات التعاون الثلاثية، التي ستعود بالنفع على الأردن ومصر والإمارات، من حيث تشغيل الأيدي العاملة في المشاريع الاستثمارية، واستقطاب استثمارات أجنبية إليه، وتخفيض نسب البطالة.
وأشارت السقاف إلى أن الاجتماعات استعرضت المشاريع الممكنة لتحقيق الشراكة بين الدول الثلاث، تحت عنوان الشراكات الصناعية الاستراتيجية لتنمية اقتصادية مستدامة.
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، ورئيس مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني الدكتور خير أبو صعيليك، إن اجتماع التعاون الثلاثي، يشكل علامة فارقة، وتتويجا لجهود قادها جلالة الملك عبد الله الثاني، في حث زعماء مصر والإمارات، على تحقيق أي نوع من الاكتفاء الذاتي والتكامل، انطلاقا من الاضطرابات الحاصلة في سلاسل التزويد وشح الموارد في السوق العالمية، والارتفاعات المتتالية في الأسعار.
واعتبر أبو صعيليك أن الشراكة بين الأردن ومصر والإمارات، ستحسن من قدرات هذه الدول على مواجهة أخطار تتعلق بالأمن الغذائي وتطوير القدرات الصحية، مشيرا إلى الميزات التنافسية والنسبية المهمة التي تمتلكها كل من مصر والإمارات والأردن.
وبين أن الصناعة تساهم بنحو 24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأردني، وتشكل قرابة 70 بالمئة من إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، مؤكدا ضرورة تحقيق تكامل إقليمي، خاصة في ظل ما خلفته جائحة فيروس كورونا والصراع الروسي الأوكراني، وآثارهما الاقتصادية على المنطقة، بعيدا عن العولمة.
وقال إن "الكرة في ملعب الحكومات" لتنتقل هذه الاتفاقيات من الإطار الحكومي إلى الإطار الخاص، أي نقلها إلى مستوى رجال الأعمال القادرين على إقامة الاستثمارات مع القطاع الخاص، المحرك الأساسي للاقتصاد.
من جهته، أوضح رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، المهندس فتحي الجغبير، أهمية مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة بين الأردن والإمارات ومصر، كونها تؤسس لمرحلة اقتصادية مزدهرة جديدة قائمة على الإنتاجية.
وأشار إلى تطلع القطاع الخاص لتأسيس تكامل اقتصادي، يحقق المصالح المشتركة بين القطاعات الاقتصادية في الدول الثلاث، ليكون بذلك نواة لتكامل اقتصادي عربي، مبينا استعداد القطاع الخاص بمختلف فئاته، للعمل مع الحكومة في تعزيز الشراكات الاستثمارية، من خلال تسليط الضوء على الفرص والإمكانيات المتاحة في الأردن.
وأضاف ان "القطاع الخاص الأردني، يتطلع لترجمة هذه المبادرة على أرض الواقع لمشاريع اقتصادية، من خلال فتح شراكات جديدة مع أصحاب الأعمال، وتوسيع مجالات التعاون والاستثمارات المتبادلة، لتنعكس إيجابيا على التنمية المستدامة التي تنشدها اقتصادات الدول الثلاث، خاصة في ظل وجود آفاق يجب النهوض بها للوصول لمستويات أعلى مما هي عليه الآن".
وأكد أن الأردن يمتلك ميزة نوعية في قطاعات الصناعات الغذائية والدوائية والكيماوية والتعدين والأسمدة وغيرها من القطاعات التي لها قدرة عالية على تلبية احتياجات الأسواق بأعلى المواصفات ومعايير الجودة العالمية.
واعتبر أن حجم التبادل التجاري ما بين الأردن ومصر والإمارات، لا يعكس الإمكانيات التجارية والخدمية والصناعية المتاحة في هذه الدول، مؤكدا ضرورة تكثيف الجهود للارتقاء كما ونوعا بمستوى التبادل التجاري، والسير نحو ازدهار العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول العربية أكثر.
ولفت الجغبير، إلى أن القطاع الصناعي يمتلك قاعدة إنتاجية متنوعة حجمها يتجاوز 25 مليار دولار سنويا، تضم أكثر من 1500 سلعة، مما يبرهن جودة المعرفة التصنيعية واستغلال الموارد المتاحة.
بدوره، قال رئيس منظومة صنع في الأردن الدكتور إياد أبو حلتم، إن مبادرة التكامل الصناعي بين الإمارات والأردن ومصر، تعد خطوة استراتيجية في اتجاه التكامل العربي الإقليمي، وبناء سوق اقتصادية مشتركة نواتها ثلاث دول، ما يعني إمكانية التوسع لدول أكثر.
وبين أن التعاون الإقليمي الاقتصادي المنشود، يؤسس لأسواق مفتوحة، تتمتع بحرية تنقل رؤوس الأموال، والعمالة والسلع، ما يؤثر إيجابيا على التركيز على الميزة التنافسية والنسبية لكل اقتصاد.
وأكد ابو حلتم، وجود صناعات واعدة في الأردن، منها الصناعات الاستخراجية والتعدينية، كصناعة البوتاس والفوسفات، التي يمكن الاستثمار فيها بمليارات الدولارات، بالإضافة للصناعات المعتمدة على هذه الصناعة ومنتجاتها، والصناعات التكنولوجية الغذائية.
وبين أن "القطاع الخاص سيشكل الجزء الأساسي الأكبر في هذه المبادرة، ما يستدعي تسهيل عمله من حيث البيئة التشريعية الموحدة، وتوحيد المواصفات الفنية بين الأردن والإمارات ومصر، لتسهيل استقطاب الاستثمارات، بالإضافة إلى تطوير وإزالة أي معيقات تواجه البنى التحتية المتمثلة في النقل والضرائب واتفاقيات الازدواج".
وأعرب عن تطلعه لأن تكون المبادرة نواة لاتحاد جمركي مستقبلي، في سوق مشتركة تركز على الميزات النسبية لاقتصاد كل دولة.
من جانبه، أوضح المدير العام لشركة المدن الصناعية الأردنية عمر جويعد، أنه في ظل الأزمات الوبائية والجيوسياسية التي تعصف بدول العالم حاليا، وأثرها السلبي على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى شح الموارد الأولية وندرتها، وارتفاع تكلفة الطاقة على قطاعي الصناعة والنقل، أصبح من الضرورة تحقيق التكامل والتعاون بين الدول لتمكين الأمن الغذائي ومستلزماتها من السلع والخدمات.
وقال إن شركة المدن الصناعية الأردنية، تعد الحاضن الأكبر للقطاع الصناعي الأردني، من خلال المدن الصناعية المنتشرة في مختلف محافظات المملكة، معبرا عن تطلعه إلى إيجابية مشاريع التكامل الصناعي ما بين دول المبادرة، وصولا إلى إنشاء صناعات منافسة وعابرة للحدود، ذات جودة وتقنيات عالية.
وأضاف ان "جمهورية مصر العربية تتميز بقوتها البشرية وتطور صناعتها، فيما يتميز الأردن بموقعه الجغرافي واستقراره الأمني والنقدي وكوادره المؤهلة تقنيا وفنيا، كما تتمتع الإمارات العربية المتحدة بانفتاحها نحو العالم وقدراتها المالية"، مؤكدا أن هذه المزايا مهمة في سد احتياجات أسواق الدول الثلاث عند تكاملها.
وأكد جويعد، استعداد المدن الصناعية الأردنية لتكون الحاضن للمشاريع الصناعية التي ستنبثق عن الاتفاقيات المشتركة في مختلف المجالات للانطلاق نحو العالمية بصناعة عربية منافسة بين دول العالم.
يذكر أن حجم التبادل التجاري بين الأردن ومصر خلال العام الماضي بلغ 632.8 مليون دينار منها 127 مليون دينار صادرات وطنية، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة 1.161 مليار دينار منها 160.7 مليون صادرات وطنية بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة.
ويسهم القطاع الصناعي الأردني بنحو 24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي و90 بالمئة من إجمالي الصادرات الوطنية، و70 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، ويوظف قرابة 21 بالمئة من إجمالي القوى العاملة (بترا)
31-أيار-2022 01:50 ص